تهتم مجلة سومر بنشر:

22‏/06‏/2018

حـيـن يُـصْـبِحُ الْـهوى ذكْرى.. شعر: لطيفة الأعكل/ المغرب





حـيـن يُـصْـبِحُ الْـهوى ذكْرى
هِـيّٓ الـذّكْـرىْ
تَـجْـترُّ الْـمـاضـيْ
تُـذْكِـي لٓـهِـيـبٓ الـدّمْـعِ
تُـمـزِّقُ كَـفَـنَ اللّـهْـفَهْ، والأَشْـواقْ
تُـلْـقِـي بالْاشْـلاء عـلـى الـرّصِيـفْ
تَـتَـجَـرّعُ كُـؤُوسٓ الـصّـبْـرِ
وصـمْـتَ الْأعْـمٓـاقْ..!!!

.........
أسَـفِـي عـلـى خُـطايْ
سـلَـكَـتْ طـَريـقـاً
مـا كـانـتْ لِـتـسْـلُـكـهْ..!!!
طـريـقاً ضـيّـقـاً، مُـوحِـشـاًْ
مُـخِـيـفٓ الْـمٓـعٓـابِـر
تٓـحْـجُـبُ نُـورٓهُ الـظُّـنُـونْ
وتُـظـلِّـلُ سـماءَهُ الْـغُـيُـومْ
سـراباً يُـعـانِـقُ الْـغُـروبْ
وصـهِـيـل الـشّـوقْ
تـعٓـثّـرتْ حـوافِـرُهْ
فـي الْأشْـواكْ
الأحْـلام تـكٓـسّـرَتْ
أجْـنِـحـتُـهـاْ
أحْرَقـتْـهـا نِـيـرانْ
الْـخـيْـبـاتْ
ذَبُـلَ الْـورد
ونَـزيـف الْـجِـراحْ
.........

أغـانِـيّٓ الْأمَـل
سٓـكَـنَـت الأحْـداقْ
الْـهَـوىٓ قَـدْ رٓحٓل
وضَـاعَـتْ أنْـفَـاسُـهْ
طَـوى سِـرّه حُـضْـنَ الـثّرى
وغداً ..؟؟ قد يبعث حيا...!!!

12‏/06‏/2018

أمّي القدّيسة.. قصة قصيرة بقلم القاص/ عبد الكريم الساعدي




عندما كنت هناك بين غفوة مساء وغفلة خداع تثاءب الوجع حلماً مغلولاً بالصمت، حملت شوقي وحنيني بلهفة طفل حيث العالم السفلي؛ لعلّها تضمّني بين خوافي دفئها،أمسح الغبار عن الشاهد، (كلُّ نفسٍ ذائقة  الموت)*،أشعل عود البخور، أرشّ ماء الورد، أرتّل سورتي الفاتحة ويس بخشوع، أمدّ كفّي نحو السماء؛ فيضوع المكان بعطرها. كانت هناك قبل الرحيل بخطوتين، الهناك متّشح بزمن شاحب بالوهم ينذر بالتيه والخذلان، يتلو عليها سيرة الرحيل حين أعلن النهر انتحاره عند طرف جدائلها، فانسلّتْ من غلالة حرائق الجفاف تبحث عن موطِئ حلم، كانت الخطوات مهداً من دمع، وكنتُ أنسج لهاثي تحت دفء مئزرها، أسمع أنين صمتها وأشمُّ احتراق أحلامها النافرة. لم تكن أمّي كباقي النسوة تقنع بالهزيمة حين كانت الشواطئ تنذر بموت العشب، وكان وجه الأرض يعوي من قلب بستانها أغنيات حزينة ترفع شراع الخوف والألم والعجز، حين كان الجميع هائماً بالاحتمالات، يبحث في الأنقاض عن دليل أو شفّة رصيف أو ضفة نهر، كانت تتوثب إلى ظلّ جذع نخلة رغبة لأمل يطلّ من نافذة صبرها، يتوق إلى نبع عينيها الصافيتين. تحدّثت إلى النهر بعتب شديد، عتب مشدود بالدمع والآه، رمقت بطرف عينيها صمت الأرض وحزن العشب الحالم بالضوء، بكت بلوعة لمشهد أشجارها اليابسة وغياب ظلّ الظهيرة. ولمّا أزف الرحيل لملمت أسمال وحدتها بعدما تكحّلت بالصبر، تعطّرت برائحة الطين، شدّت على خصرها حبل العزيمة، لم أنس تلك الابتسامة وقبلتها التي طبعتها على طرف خدّي الأيمن بعدما دثّرتني بتميمة جنوبها: 


- حافظ عليها من الضياع، يا ولدي. 
- وما فائدة هذه الخرقة؟. 
- لا تقل خرقة، ستحرسك من الأشرار. قالت ذلك، وكأنّها توحي إليّ بمشقات القادم من المجهول، ترسم طريقاً معطّراً بالأحجيات. أطلقتْ في كوخٍ يتدثّر برعشة القصب والبردي بخورَها تحت ظلال سكينة ستصبح ذكرى بعد حين من الزمان، وقبل الرحيل بخطوة التهم الوهم ما تبقّى من طفولتي. كانت النهارات فتنة ممتلئة بالأسى والغواية، والليل ينذر بيأس أعمى، وأنا ما زلت ألهث خوفاً خلفها، ممسكاً بطرف عباءتها، كانت تطفئ يأسي وخوفي بابتسامة شفيفة، تأسر بها ضوءاً أعزل، تحوكه بصلاتها شراع حلم يهفو لسفن النجاة، تتوسّد أنفاسها بين الحركة والسكون، مسندة رأسها لقنديل أبي المتوهج بالغياب. 
- إلى أين يا أمّي؟ وهل سنترك أرضنا؟ 
كانت الخطوات القادمة حاجزاً يرتبك بالضباب، ويضيق به المدى، وأنا تحتلّني الوساوس ويدركني ظلّ من حسرات، فكم من لعب الطفولة غابت فوق أرض مفجوعة بالوحشة وتحت سماء غاب عنّها السحاب، وكم من أحلامٍ ذوت في أفق الخيال، ولمّا لفظت السواقي آخر أنفاسها طلّت الغربة بوجهٍ من رخام، فلم يبقَ غير مرايا خلعت براقعها؛ لتكشف عن ساقَي فتنة مزيّنة بالقهر والعوز والحرمان، مرايا خلعت خلخال عشق الأرض لندى الفجر، وأطفأت أوكار الدفء؛ لتصافح ألم القادمين، 
- أمي، هل سنرجع يوماً ما إلى قريتنا؟ 
حدّقت في وجهي بألم شديد، مسحت بطرف (شيلتها) دمعة انحدرت على طرف خدها: 
- يا مهجة قلبي،(سيأتي يوم، يصبح فيه لنا أن نركض أو نصرخ حيث نشاء، ونلعب حيث نشاء، وقد نترك للبحر بأن يتلألأ بين أصابعنا)*
كنّا مثل طيور مهاجرة غاب عن أفقها رائحة الطين ودفء تنور أمّي، رائحة الأهوار المدافة بالعشق والسكينة، كنّا مثل ذكرى مهدّدة بالنسيان، نبحر نحو المجهول دون معرفة وبلا شراع، نحو خرائب غاصة بالعتمة، يجثو فوق جثتها ضجيج المدن وصراخ عالم يكتنز بين محجريه نصف عين تعصف برغبات مجنونة. نتوسّد ضفاف (شطيط) الحالم بعطش وجوه شاحبة. وحين رصدت مرايا الغربة آخر خطواتنا، لملم الجميع أحزانهم، وهم يطوفون غرقى حول بحرٍ يعجّ بالموت والحياة، يتمرّغ على أهداب حيرتهم تراب قرى ستغيب إلى الأبد، غفت العيون على بحر من الظنون، ظنون تبرق بالدمع والخوف من غياهب الغربة وطقوس شتّى لم يألفها الجميع، أعدها القدر لهم سلفاً. كنّا خطيئة الطغيان، حاك خيوطها الزمن على حافة ربيع موهوم، نراقص أوهام الغد، ونضحك من عذاباتنا، عذابات لن تفارق أرواحنا وكأنّها علامات فارقة خطّها الوجع فوق محيّانا، نحمل رؤوسنا فوق الكفوف، متأهبين للموت كلّ حين، أقدامنا ضائعة بين هجير الإثم وفطرة قُرآنا المنسيّة، أدمنّا الذكرى وقبور الموتى، نغفو في جفون صرائف طينية أغنية تحكي نبوءة الخراب الممتدّة بين سحر الخطيئة وبين مآتم لا نعرف كيف تلاشت. 
- أمّي، ألم تسمعي ندائي؟ لِمَ كلّ هذا الصمت؟ لو كنتِ تمرين هنا لطلبتُ منكِ الحلوى وسألتك مرّة أخرى، متى نعود لطيبة قرآنا الجميلة، يا أمّي؟ لرأيتكِ تقولينَ كما قلتِ بالأمس: 
( سيأتي يوم، يصبح فيه لنا أن نركض أو نصرخ حيث نشاء، ونلعب حيث نشاء، وقد نترك للبحر بأن يتلألأ بين أصابعنا). 
وها أنا وبعد خمسين طقساً من الفصول أنتظر ذلك اليوم، فهل يأتي يا ترى؟. 
أمسح الشاهد بكفي مرة أخرى، أمرّر أناملي فوق اسمها، أقبّله، تنتفض أضلعي شوقاً لكفّيها، أحث القلب لشواطئ دفئها، أعبر بخفّة إليها، أندس في مئزرها؛ فأغفو هناك. 
------------------------------------------------------------------------------- 
*أوهام ريفية-3/ شعر- ص 38

اللعب مع الكبار.. قصة قصيرة جدًا.. بقلم: رجاء البقالي/ المغرب




اللّعب مع الكبار.. 
راقص الزمن العقارب في دورتها العكسية، وتوارى يلهو بميلاد ذلك الوليد العجور..
لم يفارقه لحظة وهو يكبر/ يصغر إلى الأربعين، وهاهو يقهقه إذ يراه يموت رضيعًا بين يدى زوجته الهرمتين..
ألقى بالقصة جانبًا وارتمى على السرير المنهك..
أطلق زغرودة ميلاده في الخمسين، وراح يركض إلى ما قبل البداية ليصنع حكاية غير الحكاية..
امتدت الطريق مسالك من دم ورفات وأنّات.. تعثَّر بإهانات زوجته وسخرية أقاربه.. على كومة رمل تناثرت أوراق روايته التي لم تعرف النور أبدًا..
حبَا وحبَا يشده التوق إلى صرخة ميلاد جديدة..
مدّت إليه حبلاً من شعاع واختفت، أمه التي لن تلده مرتين...

عطلة نهاية الحياة.. قصة قصيرة بقلم القاصة: ريتا الحكيم





 الطريق المؤدي إلى السّوق ينوء بالعابرين، كلّ منهم يحمل ما لَذّ وطابَ من خضار وفواكه ولحوم، إمّا هم عائدون منه أو ذاهبون إليه. المفارقة الكبرى هي أنهم عندما يسلكون هذا الطريق للتبضّع، لا تسعُهم الدنيا من الفرحة، يختالون في مشيتهم وهم يتفحصون المنتجات وما إن يسألون الباعة عن سعرها، حتى يُصابون بالدّوار أو تنحني رقابُهُم على أجسادِهم هرباً من الغوص أكثر في تسعيرة بقية المواد.

أنا واحدٌ من هؤلاء الذين غالباً ما يعودون بخُفّي حُنين، دون أن يشتروا أيّ شيءٍ، لكنني اليوم تحاملتُ  على امتعاضي وقررتُ أن أرفّهَ عن الأولاد، خاصةً وأنّنا في عطلة نهاية الأسبوع، ولا أملكُ سيارة تقلّهم إلى الشاطئ أو إلى أيّ مكانٍ آخَرَ؛ فعقدتُ العزم على أن يكون الغداء دسماً بعد أسبوع من صومٍ قسريّ بسبب قلّةِ ذاتِ اليَدِ.

 سأشتري ديكاً يكفينا نحن الأربعة. عند البائع الذي تفوح منه رائحة الدم، وقفتُ في طابورٍ وأمامي امرأة متوسطة في العمر، تخشخش أساورُها كلما أطلقتْ أصابعَها لتصففَ غرّتها أو لتعبثَ بخصلاتِ شعرها. هالني ما رأيتُ من أكوامِ الفائضِ عنْ حاجةِ هيكلها العظمي، تلالٌ..في تسلّقها مشقةٌ، ووديانٌ.. في عبورها مَذَلّةٌ، هكذا بدتْ لي تلك المرأةُ ذات الشّعر الأشقر المصبوغ بموادَ رخيصةٍ جداً، حتى أنّها لم تتقِنْ ما اقترفَتْهُ يداها بحق شعرها الذي ظهر لونه الحقيقي في كل هزّة رأس تفتعلها لتُعبّرَ عن نفاد صبرها من طول الانتظار.

 على رقبتها العارية، بدأتِ السّيول الناتجةُ عن تعرّقها، تُشَكّلُ دوائرَ وخطوطاً مُتَعرّجَةً، بحركة مُفاجئةٍ أخرجَتْ مروحتَها اليدويّةَ المُتآكلةَ الأطرافِ، وبدأتْ تحرّكُها ذات اليمين وذات اليسار، في محاولةٍ منها للتخفيف من اندلاق العَرَقِ.
 تملّكني فضولٌ في أن أرى وجهَها؛ فكلّ هذا الوقت وهي في وضعيةٍ واحدةٍ، لم تلتفتْ إلى الوراء أبداً، ربما كانت تراقبُ البائعَ وهو يقطعُ الدّجاج، علماً أنني أكره هذا المنظر ويشعرني بالغثيان والإقياء.
 حين حلّ دورُها، طلبَتْ منه بثقةٍ وعزيمةٍ أثارتْ حفيظتي بعض الشّيء،"أريد عشرَ رِقابٍ"، هذا ما بادرتْ به البائعَ الغارقَ بالدّمِ. صعدَ الدّم إلى رأسي وأحسستُ وكأنه سينفجر ليطرطشها، ويُلَوِنَ البقعَ المتناثرةَ على ملابسِها بالأحمر. تسائلتُ حائراً عن كيفية تجهيزها لتصبح صالحةً للأكل.
 وميضٌ في ذاكرتي نقلَني إلى مكانٍ يشبهُ هذا المكان في كلّ شيءٍ، أذكرُ أنّنا كنا أحدَ عشر رقبةٍ تنتظر الذّبحَ عندَ كلّ شروقٍ، يتقلصُ عددُنا يوماً بعد يومٍ إلى أن بقيتُ وحيداً بعد أن سيقَ الجميعُ إلى الموتِ وتدحرجتْ رِقابُهُم على جثّتي، وأنا الناجي الوحيد ولا أدري كيف حدث ذلك. هنا يأكلون الرِقابَ لأنّها رخيصة الثّمن، وهناك يقطعونها لأنها تهدّدُ أمن البلاد على حدٍ تعبيرهم. عدتُ أدراجي من السّوقِ والغضبُ ينهشُ ما بقيَ من رباطةِ جأشي، خاليَ الوِفاض،ِ مَحْنِيّ الظّهرِ، أتلمّسُ رقبتي لأتأكدَ من أنّها ما زالت عالقةً على جسدي، في سعيٍ لأن أجدَ بديلاً لغداء اليوم، ومقتنعاً تماماً، بأنّ حياتَنا تشبهُ كلماتِ أغنية "عشر عبيد زغار" التي تصدح الآن في سمائنا وتهزّ دعائمَنا.


كنّا وسنكون .. شعر: رجاء البقالي/ المغرب



كنّا وسنكون ..
على شرفات 
القصيد 
حطّ القمر 
أرخى أهذاب نوره 
ونقر
قمر الحب 
نجيماته 
النوّاحةُ 
من بعيد 
تلتحف 
فُتاتَ ليلها 
وترحل 
قبل السحَر..
مولاتي 
نجمتي 
تتوسدين 
عتبة الشوق 
ترقبين 
أوَ تعلمين؟
أوَ تذكرين؟
روحيْن كنا 
من قبل الأزل 
من قبل شهقة 
التكوين 
ننساب مع الغوادر 
نتشاقى 
أخطف كأسك 
ومن كأسي
ترشفين
نحترف المتاهة 
َ لا جدوى 
فما بين القبْلِ 
والبَعْدِ 
أنين كينونة 
في كوخ من طين 
وهيُولَى

يا من بالشِعر 
تحلمين 
سنضم كوننا 
في كلمات 
نغزلها منديلا 
من عشق
نلوِّح للأنجم 
في السماء 
لثغرالقمر 
أضمومةَ عشق
على شرفات القصيد
قبيل السحر

11‏/06‏/2018

رسائل.. شعر.. سعاد العتابي





رسائل..

فرحٌ في أفق الدجى 
يستصرخ
بملء صمت القبور.. 
أيها الحالمون
أما من أحد يلمح طيفي؟!
أما من أحد ينتظرني؟!
آه.. من قيد حبس ضحكاتي
آه.. من حقد ذراني بين شوك حزن
يدمي قدماي؛ كلّما هممت بجمع كياني.
بملء صمت القبور
أتنفس أحلام الراحلين
تلازمني
تحتضنني
تمتلئ بها أحلامي
شهيقا دون زفير
بملء صمت القبور
أصرخ منكم وعنكم
أوجاع الكون
وغربة عشب الربيع حين نيروز
وأمسح دموع أمي عند رحيلي بعدها
أما من أحد.. لمح طيفي؟!
أما من أحد انتظرني؟!
________________
من ديوان (صوت المنافي)

ولَهٌ في زمن الجليد.. خواطر ناي بقلم الأديبة: زهرة خصخوصي



عاشقان..
وعواصف النّبض تمضي نحو النّوى تُميل جذوع الخطو
مهما بدت شامخة،
تمرّغ بالوجع ذات اشتياق دربا كان لأفق الفرح عابدا..
تعشقين..
تمدّين بشهد الوصال قراطيسك المفرغة..
فى معبد الشّوق تنحرين العمر جنينا يرتضع حلما كان وافدا..
وتبيتين ضبابا وروحُك مصلوبة على جدران النّوى..
تنشُجين.
عاشق أنت..
والشّوك في الورد من صنع رصاص يديك.. 
يخنق شذى أفق مِداد بات يضيق يضيق..
في جنان الحلم، بالفحم ترسم على وجه ياسمينها ظِلّ وجلٍ يتسربل بهطل الحنين..
وتحفر على خدّ العمر أخاديد البكاء..

عاشقان..
تلك العيون خلف المرايا تظلّ بلا ذاكرة، ونبض الكَلم ينضح علقما..
تجلد نايا خال الصّبرَ هدايا الجياع.. 
فأَمطر بالجوع جوعا على الجائعين.
أقرع إليكما أبواب الوصال..
تعفّرني أناي بلفح السّؤال مفرغا من بذور اليقين..
يضيق فيّ الرّويّ وتتّسع القافية.
أنادي:" أمّاه هبيني عزما لدرب الخطى
وأنا خلف السّدّ أحفر للعبارة معبرا
فتؤوب الحكاية لاطمة على درب حساكة الحرف حافية..
وأسكن بينكما أملا عانق المحبرة في زمن الجليد..

 زهرة خصخوصي/خواطر ناي

03‏/11‏/2017

الياسمين.. شعر: علي كاظم خليفة العقابي/ العراق



 جسرُ المدينةِ القديم
والبيتِ
وما بينهما
كانت زهرةُ الياسمين
تَتدلى
فوقَ سياجِ الروح
تزهو
تلهو
تمطرُ المكان
بالعبقِ
لتستفزَّ العابرين
بين جهتي النهر
يغضبُ الماء
يضربُ رأسهُ
بجدارِ الضفتينِ
ويصرخُ
آهٍ منكِ يا زهرة الياسمين

10‏/10‏/2017

لِتبوحَ باسمكِ يا عبيلةُ فاسلمي.. شعر: رهيف سريحيني



ولقدْ أنـختُ بـدارِ عبلةَ نـاقـتي
ورُميتُ باللحظِ الذي لم يرحمِ

قـمـرٌ أنـارَ بـلـيـلِ عُـمـرٍ مـظـلـمٍ
فأضاءَ صُبحاً في غياهبِ مبسمي

قـدٌّ كـغـصنِ الـبـانِ مـاسَ تدللاً
والـخـدُّ تـفَّـاحٌ لـذيـذُ المَـطـعمِ

بـجـِرَارِ شـهـدٍ عُـتِّـقَتْ أحداقُهَا
والـثَّـغرُ شمسٌ أشرقتْ بتَبَسُّمِ

درٌّ تـحـدّرَ في رخـيمِ حديـثِـهِا
وشـفاهُها لـوزٌ كـ لـونِ الـعـندمِ

والـلؤلؤُ الـفـتَّـانُ بـان بضحـكةٍ
والخالُ أضنى مهجةً فوق الفمِ

فكأنَّما النسرينُ موسقَ جـيدَها
في ظلِّ صفصافٍ أهيمُ و أرتمي

لا تـعذلنْ حرفاً غدا في وصفِها
يشكو تـبـاريحـاً لـها لم تُـكـتـمِ

تـغـفو على أُنسٍ قـريرةَ عيـنِهَا
وأبيتُ في سُهدٍ وشوقٍ مُضْرَمِ

جـودي بوصلٍ علَّ صـبَّاً يرتوي
واسَّاكـبي وَلـَهَاً عـليَّ تـكرَّمـي

إنِّي عـليلٌ في هـواكِ ومـغـرَمٌ
داوي بـخمرِ الحبِّ قلبَ متـيّمِ

أرخصتُ روحي عندَ بابِكِ راضياً
أرجو فداكِ علمتِ أمْ لم تعلمي

كلّ الحروفِ على شفاهي ازّيّنَتْ
لِتبـوحَ باسمكِ ياعبيلةُ فاسلمي


07‏/10‏/2017

صلاةٌ في حضرةِ الحبيبةِ.. شعر: مديح الصادق/ العراق



  أحببتُكِ فوقَ الحبِّ
وأبهى مما عرِفَ الناسُ
وأكبر
قدرَ عدادِ نجومِ الكونِ
وذرَّاتِ الرملِ
وأكثر
أنقى من حبِّ ملاكٍ لملاكٍ
من عشقِ الشعراءِ له الحظُّ
الأوفر
أشهى من شهدٍ من شفتيكِ
بليلةِ عرسي
من ضوعِ بناتِ الليلِ
هوَ الأعطر
حبِّي لك من أنفاسِكِ أعذبُ
مثلُ اللونِ الوردي في خدَّيكِ
بأوَّلِ لُقيا
مثلُ بهاءِ الشفتينِ
الأحمر
حبُّكِ لي فوقَ الفوقِ
وما هو بالعادي
توأمُ روحي أنتِ
وأنتِ الأجملُ، والأبقى
والأصغر
بسماتُكِ نسغُ الروحِ
وسرُّ بقائي
يا مجنونةُ، يا روحَ الروحِ
فمن ريقِكِ بستاني يزهو
ويعمر
نخلةُ داري أنتِ
وأنتِ الدارُ وأهلي
من غيرِكِ لا فاضَ فراتٌ
لا رُويتْ بابلُ، لا زرعٌ قامَ
ولا أثمر
قلبي قلبُكِ، نفسُ النبضِ
ونفسُ اللونِ
دمُكِ الأنقى مثلُ دمي
وكلانا شريانٌ
أبهر
أُقسِمُ بالتينِ وبالزيتونِ
وعينيكِ
بضفائرِ أمِّي أقسمُ
وخبزِ التنُّورِ
الأسمر
فتعالي... لكِ روحي
لكِ عمري، لكِ تأريخي
ودواويني، ونسائي
سوداواتُ الشَعرِ
وذواتُ الشعرِ
الأشقر